كيف نصبح جيوكندا؟!
علمتنى أمى «فن الابتسامة»،
حاولت تدريبى عليها منذ طفولتى.
كنت أختبر قدرتى على فعلها فى أوقات حزنى وعند الشدائد التى تنزل بى!
كنت أهرول إلى المرآة لأرى بعينى -الباكية- براعتى فى رسم الابتسامة على شفاهى ومنها إلى وجنتى..
علمتنى أيضا أنها صدقة ترضى الله عز وجل، وأنها تمنح بشاشة فى الوجه ونورا فى القلب، والناس تحب الإنسان البشوش والله يحب أن أنير قلبى برضاه..
علمتنى أن أتغاضى عن الصغائر وأترفع عن الكبائر، كى أحافظ على ابتسامتى فى وجه من جرحنى بتصرفاته الصغيرة ومن أهاننى بأفعاله الكبيرة.
أما جيوكندا (أى المبتسمة) هى اسم اللوحة الأسطورية التى حيرت الفنانين، والمؤرخين، وعلماء النفس.
إنها اللوحة التى رسمها الفنان الإيطالى ليوناردو دافنشى لسيدة اسمها موناليزا.
أثناء رسم اللوحة، كانت الموناليزا تحمل فى أحشائها طفلها الأول، وكان هذا سر ابتسامتها الرائعة.
احمل أنت ما يجعل السعادة فيك نابضة، لتضخ ملامحك الخير لنفسك وللآخرين، احمل الشفافية بينك وبين الله، احمل الصدق والوفاء والنبل وكل المعانى السامية التى تطهر النفس البشرية، وترتقى بها إلى السماء، فيترجمها القدر سعادة وابتسامات مورقة مشعة.
وإن كان ما نحمله فى داخلنا هو منبع السعادة، فـالبيئة الخارجية أيضا لها تأثير، لهذا كان دافنشى يأتى بالفرق الموسيقية للموناليزا لتتوهج الابتسامة أكثر وأكثر. ساعد أنت فى إتيان كل ما، أو من يجعلك سعيداً، اجعله بالقرب منك.
لا تسمح لشمس الحزن بالبزوغ إلا على فترات متباعدة، لا تعانق بنفسك أخطبوط الاكتئاب من أجل أناس لا يستحقون التفاتك، حاول قدر استطاعتك تغيير الأجواء المحيطة بك.
قال د. إمرسون «عندما يدخل شخص سعيد إلى غرفة ما، يكون كما لو أن شمعة أخرى قد أضيئت، فإذا رسمت ابتسامة جميلة على وجهك، فإن النتيجة لن تكون فقط هى رد الناس لهذه الابتسامة إليك، ولكنك أيضاً ستشعر بالسعادة».
صديقى القارئ ليست فقط السعادة المعنوية، ذلك أن الابتسامة تعتبر سلسبيل حياة يمكننا الارتواء منه، فـفيها شفاء من الأمراض، وتعد متنفساً لأصحاب الاضطرابات النفسية والتوترات العصبية
حتى إن الأطباء فى أحد المستشفيات فى ولاية كاليفورنيا استخدموا العروض الكوميدية والأفلام الفكاهية كـإحدى وسائل العلاج للمرضى، وبالفعل كانت النتائج مدهشة.
بالإضافة إلى أن الإنسان المبتسم بطبيعته أقدر على التخيل والإبداع لأن الابتسامة تزيد من نشاط الذهن وتقوى القدرة على تثبيت الذكريات وتوسيع ساحة التعمق الفكرى! رغم ذلك ننسى الابتسام خاصة مع التقدم فى العمر، فـالأطفال يبتسمون ويضحكون ٤٠٠ مرة باليوم بينما الكبار ١٤ مرة!
هيا.. افتح النوافذ.. كن كـشمس الضحى التى تغمر الأرجاء بفيض أشعتها وتبدد ظلام الحزن ..
أتعرف كم عضلة تستخدم كى تتجهم؟ ٦٢ عضلة أى، تقريباً، معظم عضلات وجهك الـ ٨٠، بينما ١٤ عضلة فقط لتبتسم و٢٦ لتضحك ..
هيا بنا نتعلم من سيدنا وحبيبنا النبى (صلى الله عليه وسلم)،
قال عنه أبو الدرداء: ما رأيت رسول الله قال شيئاً إلا وهو يبتسم.
وقال الرسول (ص): «إن الله يحب السهل الطلق» أى الباسم الطلق الوجه.
الابتسامة هبة من الله عز وجل للبشر لإنعاش الأعضاء واسترخائها ولما لها من أثر فى النفوس وغرس لأواصر الألفة فى القلوب.
وأخيراً إذا كنت سعيداً ستبتسم، وإذا كنت مسروراً ستضحك
، وإذا لم تكن تشعر بأى من هذه الأحاسيس فقم برسم ابتسامة غير صادقة! إلى أن تتقن وتتعود على القيام بذلك دون مجهود، حيث إن العقل الباطن لا يستطيع أن يفرق بين الشىء الحقيقى وغير الحقيقى، هو فقط يخزن المعلومات، وعلى ذلك فمن الأفضل أن تقرر أن تبتسم باستمرار، حتى لو ابتسامة ساخرة!!
No comments:
Post a Comment