أعظم الأنبياء ملكا وأوسعهم جندا وسلطة
سليمان عليه الصلاة والسلام
قص الله سبحانه علينا صورة من صور تبسمه الجميل...
لقد كان نبياً جليلاً وملكاً مهيبا إلا أنه مع ذلك لم يفقد الابتسامة الحلوة ليس مع البشر، بل حتى مع الحيوانات التي أعطاه الله منطقها ووضح له لغتها.
يروي القرطبي في (الجامع لأحكام القرآن)
أنباء عجيبة عن نبي الله سليمان والنملة التي أمرت جماعة النمل بالهرب إلى الملاجىء تحت الأرض للاحتماء من جيش سليمان (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)
سورة النمل / 18
يقول القرطبي:
ورأيت في بعض الكتب أن سليمان قال لها: لمَ حذّرتِ النمل. أَخفْتِ ظلمي أما علمت أني نبي عدل.
فلم قلت: يحطمنكم سليمان وجنوده.
فقالت النملة:
أما سمعت قولي وهم لا يشعرون.
مع أني لم أرد حطم النفوس،
وإنما أردت حطم القلوب خشية أن يتمنينَّ مثل ما أعطيت،
أو يفتنّ بالدنيا ويشتغلن بالنظر إلى ملكك عن التسبيح والذكر.
فقال لها سليمان: عظيني
فقالت: أما علمت لم سمي أبوك داود
قال: لا.
قالت: لأنه داوى جراحة فؤاده. هل علمت لم سميت سليمان؟
قال: لا.
قالت: لأنك سليم الناحية على ما أوتيته بسلامة صدرك وإن لك أن تلحق بأبيك.
ثم قالت: أتدري لم سخر الله لك الريح ؟
قال: لا.
قالت: أَخبركَ أن الدنيا كلها ريح.
فتبسم ضاحكاً من قولها متعجباً، ثم مضت مسرعة إلى قومها
فقالت: هل عندكم من شيء نهديه إلى نبي الله.
قالوا: وما قَدْرُ ما نهدي له؟!
والله ما عندنا إلا نبقة واحدة!!
قالت: حسناً ايتوني بها، فأتوها بها فحملتها بفيها فانطلقت تجرها، فأمر الله الريح فحملتها وأقبلت تشق الإنس والجن، والعلماء والأنبياء على البساط، حتى وقفت بين يديه ثم وضعت تلك النبقة من فيها في كفه. وأنشأت تقول:
ألم ترنا نهدي إلى الله مالَه
وإن كان عنه ذا غنى فهو قابلُهْ
ولو كان يهدي للجليل بقدره
لقصّر عنه البحر يوماً وساحلُهْ
ولكننا نهدي إلى من نحبه
فيَرضى به عنا ويُشْكر فاعلُهْ
وماذاك إلا من كريم فعاله
وإلا فما في ملكنا من يشاكلُه
إنه سليمان ملك الدنيا يقف مع نملة
ويستمع إلى منطقها ويضحك مبتسماً من تصرفاتها.
No comments:
Post a Comment