تأملات في سورة البقرة
هي أول سورة
نزلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم
في المدينة،
أي أنها نزلت في بداية تأسيس الدولة الإسلامية، وهي أطول سورة في القرآن.
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
" البيت الذي تقرأفيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان"،
وقال صلى الله عليه و سلم أيضا:
" يؤتى بالقرآن وأهله الذين كانوايعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما، وفي رواية كأنهما غمامتان أو ظلتان"
هدف السورة:
الاستخلاف في الأرض
أي أن الأرض لله تعالى،
واستخلف الله عليها أمما كثيرة
فمنهم من نجح في القيام بمهمته
و منهم من فشل.
و يمكن تقسيم سورة البقرة
إلى أربع أقسام:
1- المقدمة:
توضح لنا أصناف الناس
وتقسمهم إلى:
متقين،....... كافرين .......و منافقين،
ومن هؤلاء
سيستخلف الله على الأرض.
2- القسم الثاني:
أ- الربع الأول:
قصة آدم
و كيف بدأت و توضيح أن البداية هي استخلاف آدم وبنيه على الأرض.
و من بداية القصة نجد الآية
: "وعلم آدم الأسماء كلها "
و هي آية محورية
لأنها توضح أنه لا بد لنا من العلم و التكنولوجيا
لبناء الأرض و إعمارها
أي أننا مسؤولون عن الأرض
بالعلم و التكنولوجيا و العبادة
و يجب أن نجمع بين هذه الأشياء الثلاثة حتى يمكننا إعمار الأرض بما يرضي الله.
ثم جاء بعد ذلك
" فأزلهما الشيطان عنها"
و فيه توضيح للمعصية و أثرها و ما يترتب عليها
من أن النعمة و الاستخلاف سيزالا عمن وقع فيها .
و هنا يمكن لنا أن نربط بين الآية 2 من سورة البقرة "هدى للمتقين"، و الآية 6 من الفاتحة " اهدنا الصراط المستقيم" بالآية 38 من سورة البقرة" فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون". و كل هذه الآيات تركز على معنى واحد مترابط و هو الدعوة بالهداية و أهميتها.
و هذا هو النموذج الأول في الاستخلاف على الأرض و هو نموذج سيدنا آدم و هو نموذج ناجح، ثم يتم الانتقال إلى النموذج الثاني و هو نموذج بني إسرائيل:
ب- الربع الثالث إلى السابع:
و فيه قصة بني إسرائيل.
أول كلمة في القصة "
وأني فضلتكم على العالمين"
و ذلك لتأكيد معنى الاستخلاف في الأرض.
ثم جاءت الآيات بنماذج لنعم الله عليهم وذلك في الآيات 50، 52، 57، ثم آيات توضح أخطاء بني إسرائيل وذلك في الآيات51، 55 و 59، ثم في قصة البقرة.
سبب التسمية
سبب التسمية
سميت السورة بهذا الاسم
لتحذر أمة محمد و هي الأمة التي استخلفها الله على الأرض من الوقوع في الأخطاء التي وقع فيها بنو إسرائيل و الأمم السابقة، لأن من سبقهم و وقع في هذه الأخطاء استبدلهم الله تعالى.
و من أهم الأخطاء
التي وقع فيها بنو إسرائيل
في قصة البقرة:
*المادية.
*الجدل الشديد.
*عدم طاعة الأنبياء.
*التحايل على شرع الله أو تنفيذه بعدم اقتناع.
و يجب أن نلاحظ أن أول مرة قيل فيها"
يا أيها الذين آمنوا" كانت في الآية 104 و فيها أمر الله المسلمين أن يتميزوا عن الكفار واليهود حتى و لو في الألفاظ.
و فيه قصة إبراهيم عليه السلام
و هي تجربة ناجحة للاستخلاف في الأرض.
و في الآية 124 ، تم التأكيد أن الاستخلاف في الأرض ليس فيه محاباة بل إن من يطيع أوامر الله هو من يستحقه و من يخرج عن طاعة الله و يعصاه لا يستحق الاستخلاف.
و من المفيد هنا ملاحظه بدايات الآيات للقصص الثلاثة وربطها بهدف السورة الأساسي وهو الاستخلاف:
*
*
بداية قصة آدم: "
وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة"
*بداية قصة بني إسرائيل: "
و أني فضلتكم على العالمين"
*قصة إبراهيم: "
وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما"
و هنا يمكننا أن نلاحظ
أن الاختبارات التي مرت على النماذج الثلاثة
كلها اختبارات في طاعة الله،
فاختبر آدم
في مسألة عدم الأكل من الشجرة،
في تنفيذ أوامر الله المختلفة،
و اختبر إبراهيم
في مسألة الذبح وأوامر أخرى من الله.
3- القسم الثالث:
و هذا القسم يحتوي
على الأوامر و النواهي
التي يجب أن تلتزم بها هذه الأمة
المسؤولة عن الأرض
و ذلك بعد أن روت لنا الأجزاء السابقة من السورة نماذج مختلفة من الأمم السابقة ومدى طاعتهم لله أو معصيتهم، و في هذا تنبيه لنا بمدى أهمية الطاعة.
أ- الربع التاسع:
يبدأ بالآية 142 و فيها أول امتحان على الطاعة
ففيها الأمر بتغيير القبلة،
و نتوقف هنا على معنى آخر و هو أننا أمة متميزة حتى في قبلتنا.
و لو ربطنا هنا بين الآية
104 "يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا"
و فيها الأمر بعدم تقليد غيرنا في المصطلحات، و بين الآية 144 "فلنولينك قبلة ترضاها"
ب- الربع العاشر:
يبدأ بالآية 158 "إن الصفا والمروة من شعائر الله"
أن الصفا و المروة من شعائر الله
و سبب ذلك أن المسلمين لما أُمروا بالتميز عن الكفار
أرادوا أن يمتنعوا عن الطواف بالصفا و المروة لأن الكفار كانوا يطوفون بهما
فجاءت هذة الآية ليعلمنا الله
أنه ليس كل ما يفعله الكفار بمرفوض
أي أن التميز مطلوب و لكن التميز المتوازن.
ج- الربع الحادي عشر:
و يبدأ بالآية 177
"ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر"
و فيها التأكيد أن البر
ليس بالمظاهر و لكن بالإصلاح الشامل لكل التصرفات و الأخلاقيات
و لهذا جاء هذا الربع مشتملاً على أوامر ونواهي الإصلاح المطلوب.
و بعد أن جاءت الآية 177 شاملة لنواحي الإصلاح تلتها آيات تفصيلية لهذه النواحي فجاء:
*التشريع الجنائي:
في الآية 178"يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص " و فيها أحكام القصاص.
*التركات و الوصية:الآية 180.
*التشريع التعبدي: الآية 183 و فيها التشريع بالصيام.
د- الربع الثاني عشر:
و فيه تكملة لما في الربع الحادي عشر من أحكام ففيه:
*الجهاد و الإنفاق: الآيات 190 و 195.
*الحج: الآية 196، و نلاحظ هنا أن الحج ذُكر بعد الجهاد لأن فيه أعلى تدريب على النفس المجاهدة.
و من المفيد هنا أن نربط بين هذه الآيات وبين الآية 128 "وأرنا مناسكنا....." ففي هذه الآيات بيان لمناسك الحج كلها.
*الحج: الآية 196، و نلاحظ هنا أن الحج ذُكر بعد الجهاد لأن فيه أعلى تدريب على النفس المجاهدة.
و من المفيد هنا أن نربط بين هذه الآيات وبين الآية 128 "وأرنا مناسكنا....." ففي هذه الآيات بيان لمناسك الحج كلها.
و يجب هنا الانتباه إلى أهميه الآية 208"يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة....
" حيث أنها آية محورية تدعونا إلي الدخول في الإسلام بكل ما فيه و كل محاوره و ألا نقلد بني إسرائيل الذين أخذوا جزءاً من منهجهم و تركوا الجزء الآخر، كما ذكرت الآية 85"أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض"
هـ- الربعان التاليان
: و فيهما تكملة الأحكام:
*أحكام الأسرة:
و هي شاملة لكل ما تحتاجه الأسرة من زواج، طلاق، رضاعة و خطبة.
و تأخر الكلام عن أحكام الأسرة بعد كل الأحكام الأخرى لأن إصلاح الأسرة لن يحدث إلا بإصلاح النفوس الشامل و امتلأت القلوب بالإيمان و الأخلاق.
و- الربع التالي:
و تذكرنا بأن المنهج السابق يحتاج إلى قوم يدافعون عنه و يكونون غير متخاذلين.
ثم جاءت أعظم آية في كتاب الله وهي آية الكرسي
و تُظهر جلال الله و قدرته تعالى
و جاءت هنا بعد كل ما سبق من أحكام و تشريعات لنستشعر جلال الله
ثم جاءت بعدها آيات تبين قدرته تعالى فجاءت:
*قصة إبراهيم و النمرود: الآية 258.
*قصة عزير: الآية 259.
*قصة إبراهيم و الطير:الآية 260.
*قصة إبراهيم و النمرود: الآية 258.
*قصة عزير: الآية 259.
*قصة إبراهيم و الطير:الآية 260.
ز- الربع الأخير:
و فيه المنهج الاقتصادي
و تحريم الربا
و يبين أوجه الإنفاق الحلال لأن الإسلام إذا حرم شيئاً لابد أن يوجد البديل الحلال له.
4- الخاتمة:
و فيها دعاء جميل لله تعالى
بأن يعفو و يغفر و يرحم
و يعيننا على أن ننفذ كل ما جاء في السورة من تشريعات.
No comments:
Post a Comment