الهم والحزن ...
أسبابه وعلاجه.
لا يخلو أحد من الناس من المشاعر الإنسانية، ومنها الهم الحزن
قال ابن القيم رحمه
الله: «أربعة تهدم الجسم: الهم والحزن والجوع والسهر»،
ودخل النبي[ ذات
يوم المسجد في غير وقت صلاة فوجد رجلا جالسا فسأله عن سر وجوده فأخذ يشكو للنبي[ ما
ألمّ به من الهم والحزن بسبب ضنك العيش،
فقال له الرسول
[: «قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ
بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال،
فإذا أنت قلت ذلك أذهب عنك وقضى الله دينك، قال أبو أمامة فقلتهن، فأذهب الله همي،
وقضى ديني» رواه البخاري.
فهذا نبي الرحمة
محمد بن عبد الله عندما ضيقت عليه قريش وحاربته ومنعته من الدعوة إلى الله خرج من مكة
هائما لم يفق إلا بعد أن قطع شوطا طويلا وهو يمشي، وقد قال: «لم أفق إلا وأنال في قرن
الثعالب» (جبل قرب الطائف على مسافة تزيد عن ستين كيلومترا تقريبا).
لكنه[ كان راضيا
مطمئنا بقضاء الله وقدره، بل حينما ذهب إلى الطائف داعيا إلى الله قابله الأطفال والمجانين
ورشقوه بالحجارة وأدموه وهو يناجي ربه: «إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي» فهذا أمر
مقدر عليه.
وعند فقده فلذة كبده
ابنه إبراهيم، وكان مصابه جلل واعتراه الحزن لفقد عزيز وحبيب، فقد رضي بقضاء الله وقدره،
وهو يعلم بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، فقال: «إن العين تدمع،
والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون» رواه البخاري
.
قال تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد
في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون}.
ضيق لا يتسع لشيء،
وحرج لا يلج إليه شيء، ومن شدة الضيق يكاد ينفجر فعلاج ذلك:
• السير على طريق الله عز وجل، والامتثال لأمره
تعالى، واتباع سنة رسوله[: {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى}
• ذكر الله عز وجل: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم
بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب، الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن
مآب}.
• الإكثار من النوافل بعد الفرائض للحديث القدسي:
«ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل
حتى أحبه» رواه البخاري، فإذا أحب الله عز وجل عبده حماه ورفع درجته وصبّره.
• الدعاء والانكسار والتذلل بين يديه، وإظهار
الضعف والحاجة: ومن ذلك: «اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، عدل فيّ
قضاؤك، ماض فيَّ حكمك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو
علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع
قلبي وجلاء همي وذهاب حزني، إلا أذهب الله
تعالى عنه همه وحزنه» رواه أحمد .
• الرضا بقضاء الله وقدره؛ لأن الهم من البلاء
الذي يمحص الله فيه عباده ففي الحديث: «فما يصيب المؤمن هم ولا حزن حتى الشوكة يصابها
إلا رفع الله بها درجة» رواه أحمد.
• الرفقة الصالحة التي تأمرك بالخير وتنهاك عن
الشر وتثبتك على الدين، وتساندك وتنصح لك.
No comments:
Post a Comment